manhatten-skyline

أنظمة السلامة في المصاعد العالية الارتفاع

أنظمة السلامة في المصاعد العصرية والعالية الارتفاع

كان عالم الرياضيات اليوناني أرخميدس أوّل من ابتكر جهازاً يشبه المصعد وذلك في القرن الثالث قبل الميلاد. لكن، باتت المصاعد وسيلة آمنة لنقل الأشخاص بعد العام 1852 حين اخترع إيليشا أوتيس المصاعد المزوّدة بمكابح أمان.

شكّلت مكابح الأمان من شركة أوتيس قطعة هندسية ملهمة إذ منعت المصعد من لسقوط في حال انقطاع حبل الرفع. وعند ارتخاء الحبل، تعمل مكابح الأمان التي تُعدّ عبارة عن مشبك فيه شقوق تمسك بالقضبان عند سقوط المصعد، ويتمّ تركيبها على جانبَي المقصورة.

تُعدّ أنظمة السلامة في المصاعد العالية الارتفاع الحديثة أكثر تطوّراً من جهاز إيليشا أوتيس الأصلي، إذ تشتمل على تقنيات متقدّمة تم تطويرها عبر الأجيال على يد مهندسين يعملون في مجالات مختلفة مثل الحوسبة المتقدمة وتكنولوجيا المستشعرات وعلوم المواد.

وإليك نظرة على كيفية عمل هذه الأنظمة المصمّمة بدقة، ولماذا يجب أن تشعر بالأمان عند استخدام مصعد تتمّ صيانته بطريقةٍ صحيحة في أحد المباني الشاهقة اليوم.

مصمم لضمان السلامة

تحتوي المصاعد الحديثة على مجموعتَين أساسيّتين من عناصر السلامة: عناصر كهربائية وعناصر ميكانيكية.

تشمل العناصر الكهربائية جهاز التحكّم بالمصعد، وأجهزة الاستشعار وأنظمة البرمجيات. يُعدّ جهاز التحكّم بمثابة دماغ النظام. أمّا أجهزة الاستشعار فتراقب موضع لوحة المفاتيح، وترسل البيانات إلى وحدة التحكّم. وتوفر أنظمة البرمجيات تقييماً مستقلاً لتحديد أنظمة الاستشعار غير الضرورية.

تشمل العناصر الميكانيكية ماكينة المصعد، والمكابح، وجهاز منظّم السرعة، ومكابح الأمان (المعروفة أيضاً باسم عناصر الأمان في المقصورة)، وأخيراً، المخمدات الموجودة في أسفل بئر المصعد.

تُعدّ كابلات التعليق من العناصر الأساسية في نظام الأمان. تتحرّك اليوم المصاعد العالية الارتفاع نحو الأعلى والأسفل على عدد من الكابلات يفوق عددها الكمية المطلوبة بكثير لحمل وزن مقصورة ممتلئة بالكامل.

مزايا الأمان الرئيسية

  • 1 جهاز التحكم


    تعتبر أجهزة التحكّم القائمة على المعالجات الدقيقة بمثابة دماغ النظام إذ تتحكّم بجميع وظائف المصعد بناءً على البيانات الواردة من أنظمة فرعية وعناصر وأجهزة استشعار متعددة.

  • 2 الماكينة


    لا تضمّ الماكينة أي مسنّنات وتتألّف من محرك وبكرة جر محزوزة ومكابح. تحرك بكرة الكابلات المتصلة بمقصورة المصعد وثقل الموازنة. وتشكّل البكرة في ماكينة الجر عديمة المسنّنات جزءاً لا يتجزأ من المحرّك.

  • 3 المكابح


    تستخدم المصاعد الحديثة مكابح احتكاكية: زوج من المكابح يطبّق ضغطاً متساوياً و مع المشابك بتثبيت المكابح على البكرة ويتم رفعها كهربائياً. وتُشغّل المكابح في في حال إنقطاع التيار الكهربائي.اكساً على الأسطوانة أو البكرة أو القرص المركّب على عمود المحرك.

  • 4 منظّم السرعة


    يراقب منظّم السرعة سرعة المقصورة باستمرار. إذا تجاوزت سرعتها السرعة القصوى المقدّرة، تتحرّك الحدافات في منظم السرعة نحو الخارج ويبدأ بالعمل: تُشغّل مكابح الماكينة أولاً ثمّ تُشغّل مكابح المقصورة.

  • 5 عناصر الأمان


    ُتركب عناصر الأمان على مقصورة المصعد وتُمسك بسكك البئر عند تشغيلها.

  • 6 المخمد


    يتمّ تركيب المخمدات في أسفل بئر المصعد، ويمكنها أن تمتصّ أو توزّع الصدمات الناشئة عن هبوط المصعد.

    تحميل الملف بصيغة PDF
otis_skybuild_diagram
young-girl-pressing-button-on-elevator

عينة عن السيناريو

في إطار وصف نظام الأمان في المصاعد العالية الارتفاع والعصرية، يتحدث المهندسون عن "سلسلة الأما". إنّها استعارة تناقض نفسها، إذ يؤدي عطل واحد في السلسلة إلى توقف المصعد حتى يتم حل المشكلة. وهنا تكمن قوتها.

لنفترض أنّ سرعة المصعد تجاوزت نسبة معينة ومحدّدة مسبقاً: يتم فتح رابط في سلسلة الأمان، مما يؤدّي إلى تشغيل نظام التحكّم لإيقاف المصعد بأمان.

في هذه الحالة، تنقل مستشعرات المصعد الزيادة في السرعة إلى نظام التحكّم الذي يعدّل التيار الكهربائي في الماكينة لإبطاء المصعد. لا يتمّ تشغيل مكابح الماكينة في هذه المرحلة إذ تعمل الماكينة نفسها على إبطاء سرعة المصعد. تشبه هذه العملية عملية خفض السرعة في السيارة بواسطة ناقل الحركة اليدوي بدلاً من الضغط على المكابح.

إذا لم يؤدِّ تعديل التيار الكهربائي في الماكينة إلى إبطاء سرعة المصعد بما يكفي، يسحب نظام التحكّم كل الطاقة الكهربائية من الماكينة ويشغّل المكابح، لإبطاء سرعة المصعد أكثر. تم تصميم نظام الأمان (وفقاً للشروط المعمول بها) لإيقاف المصعد والسيطرة على سرعته.

إذا استمرّت سرعة المصعد في التزايد، أو ما يُسمى "بالسرعة الزائدة" في المصطلحات الهندسية، سيتمّ تشغيل منظّم السرعة.

يُعتبر منظّم السرعة جهاز استشعار للسرعة يتم تركيبه في غرفة الماكينة، ويمتاز ببكرة خاصة به تُحرّك بواسطة كابل فولاذي (حبل منظّم السرعة) متصل بمقصورة المصعد. ويعني ذلك أنّه يتحرّك بسرعة المصعد نفسها. إذا كان منظّم السرعة يدور بسرعة كبيرة، تتحرّك الحدافات في داخله نحو الخارج، فتعرقل عمل الجهاز الذي يمسك بحبل منظّم السرعة.

في هذه الأثناء، يكون حبل منظّم السرعة جامداً فيسحب عناصر الأمان، أي مكابح الطوارئ المركّبة على المقصورة، ويشغّلها. تشدّ المكابح على سكك البئر مما يؤدّي إلى توقّف المصعد بشكل آمن.

تُعدّ هذه المكابح النسخة العصرية من مكابح الأمان الأصلية التي صمّمها إيليشا أوتيس.

يتم تشغيل الدعامات في حال لم تتمكّن المكابح الأخرى من إيقاف المصعد تماماً في الوقت الذي يصل فيه إلى قاع البئر بسبب ضيق الوقت. بالتالي، تعمل الدعامات على إبطاء المقصورة حتى تتوقّف تماماً، وتعمل مثل جهاز عملاق يمتصّ الصدمات.

التقدّم في مجال السلامة

صحيح أنّ أنظمة السلامة هذه تمتاز بموثوقية عالية، إلّا أنّ مهندسي الأبحاث يعملون باستمرار على تطوير تقنيات جديدة لتحسين أداء المصاعد.

ُعرف أحد الابتكارات الحديثة نسبياً باسم PESSRAL، أي النظام الإلكتروني القابل للبرمجة في الممارسات المتعلقة بأمان المصاعد. ومع تقدّم الأنظمة الإلكترونية القابلة للبرمجة، أصبحت أنظمة التحكم أكثر ذكاءً. فبدلاً من دورها الذي كان يقتصر على كشف أي وصلة مفتوحة في سلسلة الأمان، بات يمكنها الآن تحديد الوصلة المفتوحة، وتحضير الاستجابة المناسبة بناءً على الموقف.

تحاكي استجابة نظام التحكّم طريقة استجابة سائقي السيارة. فهم يختارون أحياناً تغيير المسلك وأحياناً أخرى يتوقفون بالكامل. بالتالي، يصبح نظام التحكم مع PESSRAL أكثر ذكاءً إذ يستجيب لأي طارئ بطريقة تناسب الوضع القائم، بدلاً من اعتماد خيار واحد في جميع الأوقات ألا وهو إيقاف المصعد ومنع تشغيله.

الملخّص

منذ أن اخترع إيليشا أوتيس مكابح السلامة، تطوّرت مزايا السلامة في المصاعد لتصبح أنظمة متكاملة تضمّ عناصر ميكانيكية وأجهزة تحكّم ذكية وأجهزة إلكترونية متقدّمة مع عدّة أنظمة سلامة احتياطية مدمجة. ونظراً لكل هذه التدابير المتّبعة، توفّر المصاعد طريقة تنقّل آمنة وموثوقة ومريحة.

علاوةً على ذلك، ساهمت المصاعد إلى حدّ كبير في ربط أوصال عالمنا الحضري اليوم. فبحسب الأمم المتحدة، يعيش 55% من سكان العالم في المدن حالياً، أو ما يناهز 4.2 مليار نسمة، وهو عدد من المتوقع أن يرتفع ليصل إلى حوالي 70% بحلول العام 2050.

لم يعُد بإمكاننا تصوّر العالم من دون مصاعد.